مكتب المحامي ايمن احمد الحسون

محاكمات تاريخية : رية وسكينة

قصة رية وسكينة في منتصف شهر يناير من عام 1920 تقدمت سيدة تدعى زينب حسن والتي تبلغ الأربعين من عمرها ببلاغ إلى شرطةالاسكندريه مخبرة فيه عن اختفاء ابنتها نظله ابو الليل والتي تبلغ من العمر 25 عاما كان هذا أول بلاغ لسلسلة من البلاغات الأخرى التي بدأت معها مذبحه النساء في مصر ،فقد قالت صاحبة البلاغ السيدة زينب إن ابنتها نظله اختفت من عشرة أيام بعد أن قامت سيدة بزيارتها تاركه (غسيلها) منشورا على السطح ، وقد تركت شقتها دون أن ينقص منها شيء وصفت الأم ابنتها في البلاغ ،وانتهي بلاغ بأن الأم تخشي على ابنتها من أن تكون قد قتلت بفعل فاعل لسرقة الذهب الذي تتزين به كان البلاغ التالي الذي تلقته شرطة مصر في 16 مارس كان البلاغ من شخص يدعى محمود مرسي يخبر عن اختفاء أخته زنوبه حرم حسن محمد زيدان مما يجدر ذكره أن محمود مرسي صاحب البلاغ أثناء روايته لقصه اختفاء أخته ذكر اسم ريه وسكينه ..ولكن الشكوك لم تتجه اليهما !وقد بين محمود أن أخته زنوبه كانت قد خرجت لشراء لوازم البيت فتقابلت مع الأختين رية وسكينة وذهبت معهما الي بيتهما واختفت منذ تلك اللحظة 0 seconds of 0 secondsVolume 0% بدأت الشكوك في بلاغ ثالث قدمته فتاة تبلغ من العمر خمسه عشرة عاما اسمها (أم إبراهيم) تبلغ عن اختفاء أمها زنوبه عليوة وهي بائعة طيور عمرها36 عاما ، حيث تضمن هذا البلاغ أيضاً اسم سكينه كونها آخر من تقابل مع والدتها زنوبه! في الوقت نفسه ، يتم تلقي بلاغ آخرمن حسن الشناوي ، يبين فيه أن زوجته نبويه علي قد اختفت من عشرين يوما تفلتت الأمور وأصبحت هذه الحكايات على كل لسان في الاسكندرية وغيرها من المدن ، فالجناة مجهولون والبلاغات في استمرار وازدياد وأعداد النساء التي تخطف يزداد أيضاً ، لكن ما أصبح مثيراً للعجب أن اسم سكينة أخذ يتكرر في البلاغات تم استدعاء سكينة ، ولم تكن تلك هي المرة الوحيدة التي يتم فيها استدعء سكينة إلى الشرطة للسؤال والتحقيق ، بدأ عناصر الشرطة يحققون مع سكينة ويسألونها عن حوادث اختفاء السيدات ، إلا أنها نجحت ببراعة رهيبة في إخفاء كل الشبهات عن نفسها مبطلة كل الدلائل التي أقيمت ضدها عجزت الشرطة وأجهزة الأمن أمام هذا السيل الكبير من البلاغات والحوادث ، وقد كان لا بد من إنقاذ حياة الناس بتدخل من عدالة لسماء وتخليص الناس من دوامة الفزع وكشف الجناة والاقتصاص من الضحايا وتم التقاط رية وسكينة بالجرم المشهود صدفة تم اكتشاف المجرمتين رية وسكينة بعد أن تم العثور على جثتين مجهولتين ، فقد لاحظ أحد المخبرين السريين الذين تم نشرهم في مختلف أرجاء مصر ، انبعاث رائحة من البخور من غرفة رية ، وقال هذا المخبر أن دخان البخور كان ينبعث من الغرفة بشكل مريب ، ونتيجة للشكوك التي دارت في رأسه قرر أن يدخل إلى غرفة رية ، وما إن دخل المخبر وسألها عن سبب اشعال تلك الكميات المهولة من البخور ارتبكت ارتباكاً شديداً ، إلا أن المخبر أصر على معرفة السبب فأجابته مخبرةً بأنها تترك حجرتها وبداخلها عدد من الرجال الذين يزورونها وبصحبتهم عدد من النساء وكانت رائحة الحجرة لا تطاق منهم فأشعلت تلك الكمية من البخور كثرت الشكوك في رأس المخبر هذا والذي كان اسمه أحمد البرقي ، فأسرع مخبراً مأمور القسم في شكوكه بريا وسكينة ، فانتقلت قوة كبيرة من الشرطة على الفور إلى الغرفة فوجدوا صندرة من الخشب تستخدم للتخزين داخلها والنوم ، وقد لاحت الشرطة أيضاً أن بعض البلاط الموجود في الغرفة جديد بخلاف باقي البلاط ، فأمر المسؤول بنزع البلاط، وحين تم نزعه تصاعدت رائحة غير محتملة من العفونة ، ومع استمرار تخليع البلاط ظهرت جثة لإمرأة ، فلم تعد ريا قادرة على الانكار اقرأ المزيد عن اعتراف رية وسكينة بالجريمة اعتراف ريا وسكينة بالجريمة اعترفت ريا للشرطة أنها لم تكن تقتل النساء ، إلا أنها كانت تترك غرفتها لرجلين ، حيث يأتي هذان الرجلان فيها بالنساء ، وأنهما ربما كانا يقومان بجرائم قتل في الغرفة أثناء غيابها ، وبينت اسم الرجلين بأنهما أحمد الجدر وعرابي سأل الضابط ريا عن علاقتها بهذين الرجلين ، فبينت أنها تعرف عرابي من ثلاث سنوات وهو من عرفها على احمد الجدر أخذت معالم القضية تبدأ بالوضوح ،وبدأت الخيوط بالتفكك ليقترب اللغز من الحل ، فأمرت النيابة بالقبض علي كل اسم قد ورد ذكره في البلاغات ظهرت مفاجاة جديدة علي يد الصول محمد الشحات حيث أن الصول العجوز قد جاء بتحريات تؤكد ان ريا كانت تستاجر حجرة ثانية في شارع سيدي اسكندر، مما جعل الشرطة تذهب مسرعة إلى العنوان الجديد وتأمر السكان الجدد باخلاء حجرتين تاكد رجال الشرطة ان سكينه كانت قد استاجرت إحدى الحجرات في فترة ، أما ريا فقد احتفظت بالاخرى ، ومن الجدير ذكره أن الشرطة قد عثرت في حجرة سكينه على صندرة خشبيه تشبه الصندرة التي كانت في غرفه ريا ، فقام الضباط بإجراءات نزع الصندرة وخلع البلاط فبدأت الجثث يالظهور 0 seconds of 0 secondsVolume 0% صدر امر بتشميع منزل سكينه ، وبعد ذلك التفتيش تفتحت شهية أجهزة الامن وتشجعت لجمع المزيد من الادله حتى لا يفلت زمام القضيه من يدي العداله ، فانطلق الضباط الي بيوت كل المتهمين الذين تم القبض عليهم تمكن الملازم احمد عبدالله من العثور على مصوغات وصور وكمبياله بمائه وعشرين جنيها في بيت المتهم عرابي حسان كما أنه قد وجد أيضاً اوراقاً واحرازاً اخرى في بيت احمد الجدر توالت الأدلة دليلاً تلو الآخر ، إلا أن أقواها كان جلباب نبويه الذي تم العثور عليه في بيت سكينه بعد أكدت بعض ا صديقات نبويه ان الجلباب لها ويخصها ولقد اعترفت سكينه بانه جلباب نبوية ولكنها قالت ان العرف السائد بين النساء في الحي هو ان يقمن بتبادل الجلاليب وانها اعطت نبويه جلبابا واخذت منها هذا الجلباب الذي تم العثور عليه في بيت سكينه كانت سكينه بارعة جداً في مراوغه المباحث، إلا أن ريا كانت قد اختصرت الطريق وفضلت الاعتراف مبكرا ،حيث بينت في بدايه اعترافها انها امرأة ساذجة وان الرجال كنوا يأتون بالنساء إلى حجرتها اثناء غيابها ثم يقتلون النساء قبل حضورها وانها لم تحضر سوي عمليه قتل واحدة وكان من بين الشواهد والاعترافات أيضاً ما قامت به بديعه بنت ريا ، فقد بينت أساليب استدراج النساء الى بيت خالتها وقيىم الرجال بذبحهن ودفنهن ورغم الاعترافات الكامله لبديعه الا انها حاولت ان تخفف من دور امها ريا جاعلة ذلك علة حساب خالتها سكينه بدأت سكينه أيضاً بالاعتراف وبينت وأخبرت عن قصه قتل 17 سيدة وفتاة لكنها تؤكد ان اختها ريا هي التي ورطتها منذ البداية مبينة أن ذلك قد كان مقابل ثلاثه جنيهات وبعد ذلك كانت تحصل علي نصيبها من كل جريمه دون ان تملك الاعتراض خوفا من ان يقتلها عبدالعالورجاله محاكمة رية وسكينة بعد ان قامت النيابه بجمع كل الأدلة والشواهد ودراسة جميع ي التفاصيل ،قام رئيس النيابه بتقديم مرافعه رائعه في جلسه المحاكمه التي تم عقدها يوم 10 مايو عام 1921 وكانت هذه المحاكمة مميزة جداً ، فقد كان حضورها يتم بتذاكر خاصه اما الجمهور العادي الذي كان يزدحم بشده لمشاهده المتهمين وراء القضبان فكان يقف خلف حواجز خشبيه وقال رئيس النيابه في مرافعته التاريخيه : (هذة الجريمه من افظع الجرائم وهي اول جريمه من نوعها حتى أن الجمهور الذي حضرها كان يريد تمزيق المتهمين إربا قبل وصولهم الى القضاء، فإن هذه العصابه قد تكونت منذ ما يقارب الثلاث سنوات وقد نزح المتهمون من الصعيد الي بني سويف ثم الى كفر الزيات كانت سكينه واحدة من بنات الهوى ، إلا أنها لم تستمر لمرضها ،وقد كان زوجها يدعي انه يعمل في القطن في كفر الزيات رغم انه كان يشتغل بالسرقات والجرائم ، بعد ذلك سافر المتهمان حسب الله وعبدالعال واتفقت الأختان سكينه وريا علي فتح بيوت للهوي وكان عرابي يتصدى لكل من يتعرض لهما ، حيث إنه كان يحميهما وكان عبدالرازق مثله كمثل عرابي يحمي البيت الموجود في حارة النجاة، وقد تبين لنا من التحقيقات ان عرابي هو من أشار على ريا بفتح بيت شارع علي بك الكبير اما عن موضوع القضيه فقد بدأت عندما توالى غياب النساء والبلاغ عن كل إمرأة تغيب ، وكانت تلك طريقه عقيمه لان التحريات والتحقيقات كانت ناقصه رغم أن البلاغات كانت تحال إلى النيابه وتأمرالادارة بالبحث والتحري عن النسوة الغائبات إلى أن بدأت الجثث بالظهور فعدلت الداخليه استراتيجية التحقيق عمن يبلغ عنها ،وقد كانت آخر من غابت من النساء فردوس في يوم 12نوفمبر والتي قد حصل التبليغ عنها يوم 15نوفمبر واثناء عمل التحريات والمحضر عن غيابها كان المدعو مرسي وهو ضعيف البصر يحفر بجوار منزل ريا فعثر علي جثه فقام بإخبار خاله الذي ابلغ الشرطة ، حيث قام رجال الشرطة بالذهاب إلى منزل ريا للاشتباه لانها كانت تبخر منزلها للتغطية على رائحة كريهة غلبت رائحة البخور القوية، فكبست الشرطة على المنزل وقامت بسؤال ريا فكانت اول كلمه نطقت بها ان عرابي حسان هو القاتل بعد ان ارشدت عن الجثث وتم العثور على جثث ثلاثة قامت ريا باتهام احمد الجدر وقالت ان عديله كانت تقود النساء للمنزل، رغم انه قد اتضح غير ذلك، فإن عديله لم تذهب الي بيت ريا الا لمرة واحدة، لذا فإن الاتهام كان في غير محله ) واعترفت سكينه ايضا عدداً من الاعنرافات الواضحة ثم احضر حسب الله وعبدالعال وامامهما قالت ريا وسكينه نحن اعترفنا فاعترف كل منهما اعترافات لا تشوبها أي شائبه وعندما بدأ رئيس النيابه بالتحدث عن المتهمه امينه بنت منصور قالت امينه انا مظلومه فصرخت سكينه من داخل قفص الاتهام :ازاي مظلومه وفي جثه مدفونه في بيتك دي انتي اصل كل شئ من الاول استكمل رئيس النيابه مرافعته إلى أن وصل إلى ذروتها قائلاً :ان النيابه تطلب الحكم بالاعدام علي المتهمين السبعه الاول بمن فيهم (الحرمتين)ريا وسكينه لان الاسباب التي كانت تبرر عدم الحكم بالاعدام علي النسوة قد زالت وهي ان الاعدام كان يتم خارج السجن..اما الان فالاعدام يتم داخل السجن ..وتطلب النيابه معاقبه المتهمين الثاني والتاسع بالاشغال الشاقه المؤبدة ومعاقبه الصائغ بالحبس ست سنوات. كان هذا ما حكمت به المحكمة بالجلسة العلنية التي انعقدت بسراى محكمة الإسكندرية الأهلية يوم الأثنين 16 مايو سنة 1921 الموافق 8 رمضان سنة 1339)